النساء رياحين
تاليف : أديب
العربيّة معالي الدكتور عبد العزيز عبد الله الخويطر/ الرياض
تعريف: بقلم الأديب العربي الأستاذ
حمد بن عبد الله القاضي(*)
هذا الكتاب الصغير في حجمه الكبير في معانيه جاء عنوانه كبهاء عمن يتحدث
عنهن (النساء رياحين)، أليس يتحدث عن أرق مخلوقات الله (النساء) إلا ما ندر
بالطبع..! أما مؤلفه فهو المربي ذو التجربة الحياتية الطويلة معالي د. عبد العزيز
الخويطر.
من هنا يأخذ هذا الكتاب قيمته ومكانته، وكم
نتوق بقدر ما تُرسخ أفكار هذا الكتاب من قيمة المرأة، أن تغير مثل هذه الطروحات
الواعية من قناعات بعض الرجال حول المرأة ودورها ورسالتها !!
هذا الكتاب لعله من أصدق ما كتبه د. عبد
العزيز الخويطر، وحسبه أن كتب أحد فصوله "أمي وأبي".. وقد تغشي
عينَه الدمعُ، كما ذكر ذلك بين ثنايا هذا الفصل، الذي جسد فيه حدب أمه عليه، وروى
فيه مواقف من سيرة حياته معها وحنانها عليه. ولعل القارئ هو الآخر سوف يتأثر وهو
يقرأ مثل هذه المواقف المضمخة بالحنان والرحمة وهو يتذكر مواقف مشابهة عاشها وسعد
بها من حدب ورأفة من حملته وهنًا على وهن.
إن هذا الكتاب يتحدث عن النساء وشيمهن،
ويكشف عن جوانب من حكمتهن وكرمهن ونبلهن، وذكائهن الذي – كما وصفه المؤلف – يصغر
أمامه ذكاء كثير من الرجال في عدد من جوانب الحياة وميادينها حتى في بعض المجالات
التي هي ميدان الرجال ومكان إبداعهم.
وأزعم أنكم سوف تتفقون مع المؤلف عندما
تقرؤون الكتاب مع ما أورده من مواقف للمرأة استمدّها من التراث العربي والإسلامي،
وستتوفّر القناعة لديكم بأن النساء رياحين.
وما أصدق الروائي الطيب صالح الذي قال عن
المرأة: (الحضارة أنثى، وكلُّ ما هو حضاري فهو أنثوي) وأقول مؤكدًا بمقولة أخرى
(السعادة أنثى، وكلُّ ما هو مُسعد في الدنيا فهو أنثويّ).
و(لاعزاء للرجال..!).
لكن حسبهم أن يظفروا بالسعادة التي مصدرها
الأنثى.
أستشرف أن تستمتعوا بقراءة
هذا الكتاب، وكيف لا وهو يتحدث عن ألطف مخلوقات الله بل وأغلاهن.. حفظهن الله،
فالحياة بدونهن أشواك بلا ورد، وليل بلا أقمار، ودياجير بلا فجر!
والمؤلف
يتحدث عن الكتاب، فيقول:
النساء نصف المجتمع، وفي كنفهن وكنف الرجال
يحتضن الأطفال، ولا غرو أن تأتي إحدى مقالاتي في كتاب (إطلالة على التراث) الجزء
السابع عشر عنهن، وتكون ضافية وافية.
لقد بينتُ فيما قلتُه جوانب متعددة في
التراث أرت أهمية المرأة، وحرص الكتَّاب على جمع ما توافر عنها في زمنهم، وقبل
زمنهم، وجاؤا بأمثلة أبرزت أضواءً في حياتها شعت على المجتمع، وذكروا حوادث مضيئة
عن مساهمتها في الحياة مساهمة تدعو إلى الفخر والإعجاب.
ونحن اليوم إذ نستعيد ما جاء في التراث من
هذه القناديل المضيئة إنما نؤكد إيماننا بدور المرأة المقدر، أُمّاً كانت أو زوجة
أو أُختًا أو قريبة أو شخصًا متميزًا في المجتمع. ولعلنا بهذا ندرأ عن أنفسنا
اللوم أمامها غدًا عندما تتسع مشاركتُها الثقافية والأدبية، فتتصدى لإبراز دورها
المضيء في العصور المتعاقبة، وتتهمنا بغمط حقها.
نحن نتوقع منها أن ينداح نتاج فكرها حتى
يملأ رفوف المكتبات، فتزاحم بهذا إنتاج الرجل. وعندها الآن من الإمكانات مايجعلها
تتطلع إلى ذلك، ونحن معها في هذا. وإذا كان بعض الكتاب في العصور الماضية قد أدلوا
بدلوهم عندما سنحت لهم الفرصة، فإننا نؤمن في مفكرات اليوم أن يسارعن في حرث هذا
الحقل وزرعه، وأن يقمن بما لم يقم به الرجل، وهن أقدر وأولى. ولا عذر لهن اليوم
بعد أن نهلن من العلم المتاح لهن، وبما هيء من أسبابه لهن. ونتطلع منهن، في هذا
الجانب إلى الإبداع والابتكار فيما يعرض؛ فنظرتهن تختلف عن نظرة الرجال؛ فهن
متخصصات، ويعرفن جيدًا وقع ما يضعن من أحبار على الورق.
ما جاء عن هذا الموضوع جاء مختصرًا، وأعطى
نماذج منها في أدبنا العربي من أقوال بديعة وصور بهية عن النساء، وعن النظرة
الفائقة المنصفة المبجّلة التي كانت تأتي في حق المرأة، وتكون مقدرة من السامع؛
لأنها تتجاوب مع روحه، والجبلة التي خلق الله الرجال السّويين عليها.
أريد أن أهمس في أذن كل واحدة منهن أن مجال
التبرير لهن – كما قلتُ – واضح وسهل، ومجال المنافسة لهن في حقل العلم والثقافة
ميسر، إن أبدين التفاتة نابهة، وطالما حثثتُ كل من يحمل الشهادة الجامعية أن يساهم
بجهد في تسجيل فكر زمننا، وإشاعته بالكتابة – كل في مجاله – التي تعطي صورة
متكاملة عنا، ولا يقتصر الأمر على عدد محدود من الكتاب؛ ولكن الاستجابة لهذا الرأي
لم تأت بما كنت أؤمله؛ فلعل الحاصلات على الشهادة الجامعية يأخذن عهدًا على أنفسهن
أن يفُقن الرجال في هذا، فنرى تسجيلاً للتاريخ والاقتصاد والاجتماع وغير هذا من
نواحي حياتنا، وقد جرت وديانه، وسالت شعابه . وبالله
التوفيق..
(*) صاحب دار القمرين للنشر والإعلام ورئيس تحرير "المجلة العربيّة" سابقًا
الرياض 11499 ، ص ب : 10104 المملكة العربية السعودية . التلفون:
014562206، الفاكس: 014565576
info@alqamarain.com
صفر -
ربيع الأول 1430هـ = فبراير - مارس 2009م
، العـدد : 2-3 ، السنـة : 33